بعد انقضاء نصف مدة تطبيق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي المقرّة من قبل مجلس الوزراء في العام 2018، استطاعت هيئة سوق رأس المال وشركاؤها تحقيق العديد من الإنجازات في سياق تعزيز الشمول المالي في فلسطين. وتجدر الإشارة إلى أن الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية واجهت، خلال الأعوام الماضية، العديد من التحديات المتمثلة بالأزمات الاقتصادية والسياسية التي واجهت البلاد، والناتجة تحديداً بفعل أزمتي المقاصة وجائحة كورونا (COVID-19) وتداعياتها، التي كان لها الأثر المباشر على سير عمل الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، وبالتالي فرض تحديات جديدة، إلا أن الجهات الناظمة ضاعفت من جهودها للحفاظ على سلامة القطاع المالي بشقيه المصرفي وغير المصرفي، بما يشمل وضع الخطط اللازمة للتعامل مع المستجدات الحاصلة، ومواصلة العمل على تحقيق أهداف الشمول المالي. وفي هذا السياق، عملت الهيئة وسلطة النقد، خلال العام 2022، على تنفيذ عملية إعادة تقييم منتصف المدة، وتم إطلاق مشروع إعادة تقييم للشمول المالي من خلال التعاقد مع معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني – “ماس”، لإعداد دراسة إعادة التقييم استناداً إلى تحليل مسح جانبي العرض والطلب على المستوى الوطني، وذلك بمشروع ممول من التحالف العالمي للشمول المالي (AFI)، وقد وضعت اللجنة الفنية خطة عمل متكاملة تشمل المحطات الرئيسية لعملية إعادة التقييم، مع إطار زمني محدد لكل منها، ويتوقع أن تسهم الدراسة في تقييم مسار تنفيذ الاستراتيجية، والتأكد من أنها تسير وفقاً لخطة العمل، واتخاذ الإجراءات والتعديلات اللازمة إن وجدت.
بدوره، عمل معهد “ماس” على التعاقد مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لتنفيذ المسح الميداني (جانب الطلب)، كما عملت اللجنة الفنية بالتعاون مع الفريق الفني لمعهد “ماس” على تطوير الاستبيان الخاص بالمسح الميداني لجانب الطلب، الذي استخدمه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عملية المسح، وقد ركزت عينة البحث على جانب الأفراد وليس الأسر، حيث استهدف جانب الطلب عينة من 8500 فرد من الفئة العمرية 18 سنة وأكثر، وهي عينة أشمل من تلك المستخدمة في العام 2016. وبخصوص مستويات النشر، فقد تم اعتماد النشر على مستوى فلسطين ككل، ومن ثم شمال ووسط وجنوب الضفة، وشمال ووسط وجنوب قطاع غزة حسب الجنس (ذكور وإناث)، وعلى مستوى محافظات الوطن. كما عمل معهد “ماس” على تنفيذ مسح جانب العرض الذي شمل مزودي الخدمات المالية، إضافة إلى الجهات الرقابية على المؤسسات المالية، وتنفيذ مقابلات المجموعات البؤرية المتخصصة بمواضيع محددة. وتوفر نتائج مسح جانبي العرض والطلب المعلومات حول الوضع الحالي وتطور الشمول المالي في فلسطين.
وتم الانتهاء من تنفيذ المسح الميداني الشامل من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في منتصف العام 2022، ومن ثم عمل معهد “ماس” على تحليل ودراسة نتائج المسح الشامل لتحضير مخرجات المشروع، وتم تقديم المخرجات الأولية للمشروع استناداً إلى نتائج تحليل جانبي العرض والطلب، وهي:
- تقرير مفصل لتشخيص حالة مستويات الشمول المالي وتطورها.
- تقرير حول دور الخدمات المالية الرقمية (DFS) في تعزيز الشمول المالي، وخارطة طريق خاصة به.
- تقرير خاص بالفجوة الجندرية في الشمول المالي، وخارطة طريق خاصة بها.
وقامت اللجنة الفنية بمراجعة المسودة الأولى للتقارير الثلاثة والملاحق الإحصائية الخاصة بها، مع عرضها على اللجان المختلفة، وذلك تمهيداً للخروج بالنسخة النهائية للتقارير قبل اعتمادها بشكل نهائي، وإعلان نتائج إعادة التقييم والتطورات التي حدثت على نسب الشمول المالي في فلسطين خلال الفترة النصفية (2016-2022) من عمر الاستراتيجية الوطنية، وللبدء بعكس النتائج على خطط العمل للفترة القادمة، واقتراح التوصيات والتعديلات لخطة العمل، وعرضها على اللجنة الوطنية، مع تقديم ملخص لأبرز نتائج مشروع التقييم الشامل للشمول المالي في فلسطين.
وفي السياق نفسه، استمرت جهود الهيئة في تنفيذ الخطة الاستراتيجية للشمول المالي بالتعاون مع الشركاء الرئيسيين خلال العام 2022، حيث تم تنفيذ المبادرات التالية:
- مشروع إثراء المناهج الدراسية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم؛ تنفيذاً للنشاط الاستراتيجي في خطة الشمول المالي وعملاً بقرار اللجنة الوطنية للشمول المالي لتفعيل التعاون مع وزارة التربية والتعليم، بهدف تعزيز الشمول المالي لدى فئة الطلاب والشباب، وانبثق عن ذلك تشكيل لجنة ثلاثية من هيئة سوق رأس المال، وسلطة النقد، ووزارة التربية والتعليم لدراسة آليات التعاون في إثراء المناهج الدراسية، حيث قامت اللجنة بتطوير خطة عمل للأعوام 2023-2025، وهي خطة متعددة الأبعاد تشمل استهداف الطلاب والمعلمين والأساتذة والموجهين كذلك، من خلال العديد من الوسائل اللامنهجية المدروسة لمختلف الصفوف، وستتم المباشرة بتنفيذ الخطة خلال العام 2023 التي قد اعتمدت في نهاية العام 2022 من قبل اللجنة الفنية للشمول المالي، وسيتم تضمين محاورها في خطة عمل الشمول المالي للمباشرة في تنفيذها.
- استراتيجية عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر MSME’s، حيث شاركت هيئة سوق رأس المال، إلى جانب كل من سلطة النقد ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد الوطني، في عضوية اللجنة الخاصة بتطوير الاستراتيجية الممكنة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ويأتي تشكيل اللجنة بعد قرار مجلس الوزراء رقم (11/115/18/ م.و/م.أ) للعام 2021، والخاص بالتعريف والتصنيف الوطني للمنشآت الاقتصادية، حيث تم عقد الاجتماع الأول للجنة في 17/11/2022 لإطلاق العمل على الاستراتيجية، وتم إقرار خطة عمل المشروع مع الجهة المنفذة، ويتوقع أن يستغرق المشروع 7 شهور تنتهي في منتصف العام 2023. ويتوقع أن تعالج هذه الاستراتيجية المشاكل والتحديات التي تعاني منها هذه المنشآت (التسجيل والترخيص، التمويل، التسويق، الجوانب الإدارية والمالية، الريادة والابتكار، … وغيرها) مع التركيز على الشباب والنساء في هذا القطاع.